لطالما كان الأزهر الشريف منبرًا للإسلام الذي يوجه الدفة نحو المسار الصحيح والمعتدل، يقوم الميول والإعوجاج، ويصلح ما يفسده الآخرون من تطرف فكري عقائدي، دون أن يهاب أو يمل أو يميل.
قرابة نحو 1082 سنة والأزهر الشريف هو منارة العالم نحو جوهر الدين الإسلامي القويم وإرساء قواعد الوطنية السليمة التي تكفل الدفاع عن الأرض والعرض، منه انطلقت المسيرات والثورات نحو دفع العدوان عن الوطن ورده وروى طلابه التراب بدمائهم الطاهرة الذكية، ومنه كانت سهام الدفاع عن الدين ورد أية محاولات لتلويثه، ومنه كانت سيوف وأد الفتنة بين أبناء الدين الواحد وبين أبناء الديانات المختلفة على أرض واحدة.
ولأن يحمل رجاله الأمانة على أعناقهم لهو حملٌ ثقيلٌ يحتاج لجهد واجتهاد وجلد وصبر، ولا شك أنهم لا ينكرون أن كل التعاليم الدينية وأية علوم تقبل النقاش والتفكر والتدبر والتعقل كما أمر الله عز وجل في آياته الكريمة “أفلا يتفكرون، أفلا يعقلون، أفلا يتدبرون”، لكن دون تطاول أو مساس بثوابت الدين.
قد تحتاج بعض الأمور الجدلية لمزيد من التفسير لا شك ولا جدال في ذلك بالطبع، ولا اعتقد أن الأزهر بتعاليمه السمحة ورجاله العاقلون خُلقًا ودينًا وعقلًا وفكرًا ينكرون ذلك أو حتى يمتنعون عن التوضيح والرجوع إلى الثوابت والأدلة والشهود ووضع الأمور في نصابها الصحيح، وكل آية وكل حديث في مكانها وزمانها المناسب.
لكن أن يتجاوز الاختلاف الذي يحتاج لإيضاح إلى حد الخلاف أو التطاول من أو على فهو غير مقبول إطلاقًا، فلا الحداثة ولا الديمقراطية تعني التطاول والديكتاتورية في الرأي والتي تصل إلى حد التجاوز، ولا اعتقد أن أحد يقبل ذلك، ولا اعتقد أن مؤسسة بقدر وقيمة ومكانة وقامة الأزهر ورجالها ستقبل ذلك وإن كانت لن ترد بذات الأسلوب.
فالأزهر وشيوخه يؤدون أمانتهم دون فلسفة أو حتى قبول التطرف في العقيدة أو الاختلاف في الفكر بأي صورة وأي شكل، وإن كنا مع الاختلاف كأمر صحي وصحيح.