وفاة النبي والخلاف على الخلافة
بعد وفاة النبي محمد عليه الصلاة والسلام، وقع المسلمون في خلاف كبير حول الخلافة، ومن يكون زعيم بعد، ففريق في سقيفة بني ساعدة أعطوا الولاء لأبي بكر كخليفة للمسلمين، ولكن حينها رشح سعد بن عبادة نفسه وأيده ذلك الأنصار، وكان رأي عمر بن الخطار رضي الله عنه التأكيد على ترشيح أبي بكر ومؤكدًا عل أحقية المهاجرين في الخلافة.
لقي ترشيح عمر تأييدًا كبيرًا من المسلمين ممن كانوا في السقيفة، وكان الرأيان الأول يقول أن النبي لم يرشح أحد ولم يختر خليفة له، بينم الشيعة رأوا أنه تم تعيين علي بن أبي طالب كخليفة من قبل الله في إشارة إلى حديث الغدير أبو بكر خلفه عمر، الذي قُتل في 644.
تولي علي بن أبي طالب الخلافة
بعد وفاة عمر بن الخطاب، علي وهو ابن عم النبي محمد وصهره، كان منافساً لعثمان على المنصب، أصبح عثمان الخليفة من خلال الشورى، وأصبح علي بن أبي طالب الخليفة بعد اغتيال عثمان عام 656.
اندلاع الفتنة
واجه علي بن أبي طالب معارضة من البعض في المشرق بما في ذلك حاكم بلاد الشام، معاوية بن أبي سفيان، واندلعت فتنة سُميت بالفتنة الأولى (فتنة مقتل عثمان)، داخل الدولة الإسلامية المبكرة مما أدى إلى إسقاط الخلفاء الراشدين وإنشاء الدولة الأموية.
بدأ الأمر عندما اُغتيل الخليفة عثمان بن عفان عام 35 هـ / 656 م واستمر حتى أربع سنوات في عهد علي بن أبي طالب، وبعد أن وافق علي على التحكيم مع معاوية الأول بعد واقعة صفين (36 هـ/ 657 م)، حدثت ثورة ضده من قبل بعض أفراده، والمعروفين فيما بعد باسم الخوارج. قتلوا بعض أنصار علي، ولكن تم سحقهم من قبل قوات علي في معركة النهروان في 658.
تزامنت خلافة علي مع الفتنة الأولى. إذ بويع علي بن أبي طالب للخلافة بالمدينة المنورة في اليوم التالي لمقتل عثمان فبايعه أغلب من كان في المدينة من الصحابة والتابعين.
قرر علي بن أبي طالب نقل عاصمة الخلافة إلى الكوفة وحكم في حِقبةٍ عُرِفَت بعدم الاستقرار السياسي والتي احتاجت إلى الحِكمة والدراية الفقهية، واستمرت مدة خلافته خمس سنوات، ولاقى معارضات وتمردات كثيرة.
انتصر علي في معركة على مشارف البصرة وسُميت حينها بموقعة الجمل عام 656، ثم قاتل أيضًا في معركة صفين عام 657 ضد معاوية على الحدود السورية العراقية، وانتهت المعركة في طريق مسدود ودخل علي حينها في التحكيم مع معاوية.
بعد معركة صفين وعندما قبل علي التحكيم مع معاوية تحديداً، عارضت مجموعة من جيش علي بالتحكيم عُرفت فيما بعد باسم الخوارج، فقد عارضوا حينها الحكم البشري في مسألة الدين واستخدموا شعار “لا حكم إلا حكم الله” أي عدم حاجة الأمة الإسلامية لخليفة في زمن السلم.
في سنة 658 انتهكوا يمين الولاء، وتمردوا وهددوا علانية بقتل أي مسلم لن ينضم معهم، وقاموا بتسليح البدو ودربوهم للقتال وجعلوهم ينضمون إلى ثوراتهم لكن في نهاية المطاف هزمهم علي في معركة النهروان وأسفرت هذه المعركة الخاطفة عن عددٍ كبير من القتلى في صفوف الخوارج.
كان مقتل الخوارج “الحدث الأكثر إشكالية” خلال خلافة علي، لأنهم كانوا من أقوى حلفائه في الحرب ضد معاوية.
التخطيط لقتل علي بن أبي طالب ومعاوية وعمرو بن العاص
التقى ابن ملجم مع رجلين آخرين، وهما البرك بن عبد الله وعمرو بن بكر التميمي، في مكة وعملوا مناقشة طويلة بعد مراسم الحج، وخلصوا إلى أن وضع المسلمين في ذلك الوقت كان بسبب علي ومعاوية وعمرو بن العاص، “الذين اعتبروا أنهم على خطأ”، وأقسموا على قتلهم “للانتقام من مذابح رفقائهم في النهروان”. رتبوا موعد الاغتيال واختار كل منهم ضحيته.
كيف تنبأ علي بن أبي طالب بمصيره؟.. البوابة الإخبارية ترصد التفاصيل
يوجد نوعان من الأعراف فيما يتعلق بوعي علي بن أبي طالب بمصيره قبل الاغتيال بوقت طويل. كانت هذه المعرفة المسبقة من خلال “هاجسه الخاص” أو بواسطة النبي محمد.
استناداً إلى العديد من الأعراف، والتي ذكرتها العديد من كتب الحديث النبوي وكتب التاريخ أن النبي محمد قد تنبأ بمقتل علي، ومنها: “يا علي أبكي لما يُسْتَحَلُّ منك في هذا الشهر، كأني بك وأنت تريد أن تُصلِّي وقد انبعث أشقى الأولين والآخرين، شقيق عاقر ناقة صالح، يضربك ضربة على رأسك فيخضب بها لحيتك”، حيث كشف النبي محمد عن تلطيخ لحيته بالدم مع “تدفق الدم من رأسه”.
حديث آخر ورد عن النبي فيه تأكيد على أن أخطر رجل بين القدماء هو من قتل ناقة النبي صالح ومن بين معاصريه هو من سيقتل علي، إذ قال في حديثه لعلي: “إنك ستُضرب ضربةً ههنا، ويكون صاحبها أشقاها، كما كان عاقرُ الناقة أشقى ثمود”.
في ليلة الاغتيال، قال علي إن مصيره كان على وشك أن يتحقق، وهناك أقاويل أنه عندما غادر منزله في الصباح “تبعه الأوز، وهو يصيح” يبكي على موته.
قتل علي بن أبي طالب
اُغتيل علي من قبل عبد الرحمن بن عمرو بن الملجم المرادي، من خوارج مصر، وكان والدا ابن ملجم من حمير، ولكن تم احتسابه لـ مراد بسبب قرابة أمه، وتحالف مع بني جبلة من كندة، دخل الكوفة بهدف قتل علي للانتقام لقادة الخوارج في النهروان.
في الكوفة، التقى بمجموعة من قبيلة تيم الرباب الذين كانوا يبكون على عشرة من رفاقهم الذين قتلوا في النهروان على يد جيش علي، من بينهم امرأة تدعى قُطام ابنة الشّجنة.
طبقاً لرجل الدين علي الصلابي، عندما رأى ابن ملجم قُطام “سلبت عقله” و”نسي حاجته” التي جاء لها، واقترح عليها الزواج، فاشترطت عليه قُطام أنها ستتزوجه إذا استطاع أن “يشفيها” بإعطائها ثلاثة آلاف درهم وخادماً وقينة، وأن يقتل لها علي بن أبي طالب، أرادت قُطام الانتقام أيضًا، حيث قُتِل والدها وشقيقها على يد قوات علي في النهروان.
قنع ابن ملجم رجلاً يدعى شبيب بن نجدة الأشجعي الحروري لمساعدته في قتل علي. إلى جانب شاب يُدعى وردان بن مجالد، كان وردان شريكاً مع بن الملجم. كان المتآمرون متمركزين مقابل الباب الذي منه سيدخل علي المسجد.
في يوم الجمعة 19 (أو 17 ) رمضان، دخل علي بن أبي طالب مسجد الكوفة لأداء صلاة الفجر، فثار إليه شبيب بالسيف فضربه فوقع، وضربه ابن ملجم بسيف مسموم على “قرن رأسه” فسال دمه على لحيته بعد أن تلى علي آيات من سورة الأنبياء كجزء من الصلاة، أو عندما كان يدخل المسجد.
لما ضربه ابن ملجم قال: لا حكم إلا لله ليس لك يا علي ولا لأصحابكم، لم يضرب سيف شبيب علي وبدلاً من ذلك “ضرب الإطار الخشبي للباب أو القوس”.
هرب وتم القبض عليه بالقرب من أبواب كندة من قبل رجل من حضرموت يدعي “عويمر”، لكنه تمكن من الفرار عبر الحشد، وهرب وردان إلى منزله وقُتل هناك غضباً بالسيف على يد قريب له يُدعى “عبد الله بن نجابة بن عبيد الكاهلي”، بعد أن اعترف بتورطه.
تم القبض على ابن ملجم من قبل الهاشمي المُغِيرَة بن نوفل بن الحارث.
أمر علي أنه إذا مات متأثراً بجراحه، يجب إعدام ابن ملجم قصاصًا، توفي علي بعد ذلك بيومين في 21 رمضان 30 يناير 661 (أو 19 رمضان 28 يناير 661) عن عمر 62 أو 63، وقُتل ابن ملجم قصاصًا بأمر الحسن بن علي تنفيذًا لوصية علي، بعد أن بويع خليفة للمسلمين.