سألتني الإعلامية القديرة سمر أباظة عن ما افكر فيه حاليا, فأجبت على الفور رحلتنا المستقبلية مع الطاقة الشمسية. اضافت هي: لا بد اذا ان تكتب مقالا عن ذلك للنشر في “البوابة الاخبارية”. طبعا اسعدني ذلك لعلمي ان هذه الوسيلة الاخبارية الحديثة تصل الى عدد لا يستهان به من قراء العربية, وخاصة شباب مصر وهم امل المستقبل.
أول ما يقال في هذا الصدد هو اننا قد تعلمنا كثيرا خلال دراسة طبيعة كوكب الأرض خلال القرن الماضي. أهم ما في هذا المجال هو تراكم المعلومات التي اضافتها الرحلات الفضائية ومعها تطورت سبل جمع المعلومات العلمية خلال اكثر من نصف قرن من الزمان.
توضح الصورة الفضائية المرفقة (شكل١) ان شمال افريقيا هو المنطقة الوحيدة في الأرض التي تظهر تضاريس صخورها ورمالها بكل وضوح لان لا تغطيها نباتات على الاطلاق. هذه حقيقة تراها غيون واذهان كل من قام بترحال في هذه الصحراء منذ القدم. والمثل الواضح هو ان من لا يأخذ ذلك في الاعتبار ينتهى تاريخه فيها كما اندثر جيش “قــمـبـيـز الثانى” الملك الفارسي الذى دخل مصر بجيشه في حوالى ٢٥٠٠ قبل الميلاد ثم اكمل مسيرته غربا في صحرائها وانتهى جيشه وتاريخه تحت رمالها.
كذلك فأهم ما تعلمناه هو ان الصحراء الغربية في مصر والحزام المجاور لها في شرق ليبيا هي أكثر مناطق كوكب الأرض جفافا (شكل ٢). مقياس الجفاف في هذه المنطقة يساوى ٢٠٠ وهذا يعنى ان الطاقة الشمسية التي تصل الى اي موقع فيها تستطيع ان تبخر ٢٠٠ مرة كمية المطر التي تصل الي نفس المكان. مقياس الجفاف في صحراء شبه الجزيرة العربية يتراوح ما بين ٥٠ و٢٠ او اقل – كذلك في غرب الولايات المتحدة هناك مكان أسموه “وادي الموت” لقسوة جفافه ومقياس الجفاف هناك يساوى ٧ فقط.
شكل١. صورة فضاية من القمر الصناعي الأوروبي تضح العالم العربي في كل من الجزيرة العربية وشمال افريقيا. وتدل الصورة بكل وضوح عدم وجود الخضرة التي تتصف بها باقى المناطق.
شكل٢. خارطة توضح مقياس الجفاف في المنطقة العربية. أشد المناطق جفافا هي الصراء الغربية في مصر وجزء مما يجاورها في شرق ليبيا. مقياس الجفاف في هذه المساحة يوكد ان ما يصلها من طاقة شمسية يمكنه ان يبخر ٢٠٠ مرة كمية المطر التي تصلها. للمقارنة فان نفس المقياس في الولايات المتحدة الامريكية هو ٧ في منطقة اسموها “وادى الموت” لشدة جفافها!
يعلما التاريخ أن الأجداد في مصر القديمة فهموا أهمية الشمس لكل ما ينبت علي سطح الأرض كلية وتماما. أهمهم في هذا المجال هو اخناتون احد الملوك القدماء والذى حكم مصر منذ حوالى ٥٤٠٠ سنة. بدأ اخناتون دينا لعبادة الشمس لان اشعتها في نظرة كانت اهم أسباب الحياة على الأرض. هذا ومن قبل اخناتون وبعده استمر احترام وتبجيل الشمس طوال تاريخ القدماء.
أما في يومنا هذا فقد ازداد الاهتمام بالشمس كمصدر للطاقة التي يحتاجها الانسان. وطبعا اهتم الخبراء بمنطقتنا وقامت مجموعة من العلماء الألمان بقياس الطاقة التي تصل من الشمس الى صحرائنا الغربية. توصلت هذه المجموعة الى ان جمع الطاقة الشمسية التي تصل الى مساحة ٥٠ كيلومتر مربع فقط تكفى لانتاج كل ما تحتاجه مصر من طاقة واكثر.
ونعلم ان مصر تذخر بالعلماء والمهندسين والخبراء في مجال الطاقة على وجه العموم. لذلك علينا ان نبدأ مشروع طويل المدى لجمع الطاقة الشمسية بأحسن السبل. وربما تقدير الوقت اللازم للوصول الى الاكتفاء الذاتي من الطاقة الشمسية خلال عقد او اثنين من الزمان تبعا لما تقرة إدارة الدولة بعد النقاش مع العلماء والمتخصصين.
أن الاكتفاء الذاتي من الطاقة هو احد ما يلزمنا مستقبلا للتقدم في التعليم والصحة وإنتاج الغذاء. هذا أمر مهم وخاصة في واقع الزيادة الدائمة في تعداد السكان. لذلك فهو من اهم ما نفعل حاليا لتامين مستقبل افضل للأجيال القادمة.